نبذة عن إيليا أبو ماضي
شاعر عربي لبناني من شعراء المهجر، وأحد أعضاء الرابطة القلمية المؤسسين. اشتُهر بفلسفته التي تطغى عليها نزعة التفاؤل وحب الحياة والحنين إلى الوطن.
هاجر هربًا من ظلم الاحتلال ليعيش حياته مشتاقًا لوطنه ويكتب عنه أسمى القصائد؛ فعلى الرغم من كل ما قاساه في حياته من فقرٍ في طفولته وصولًا إلى الهجرة، إلّا أنّه لم يفقد الأمل ولو للحظةٍ واحدة، بل ظل ينشر التفاؤل في نفوس كل من تطال يده إحدى قصائده.
اعتمد فلسفةً نقية عكست صدق حبه للحياة وإقباله عليها، بل وحاول إيصال ذلك بكل طاقته، لتحي لنا كل قصيدة من قصائده قصةً سامية تزهو بألوان الطبيعة الخلابة، فترقى إلى منازل لم تطأها قدمُ شاعرٍ، وتحملنا معه إلى ذلك العالم الحاني الملوّن.
وُلد إيليا ضاهر أبو ماضي في قرية المحيدثية في المتن الشمالي اللبناني لعائلةٍ فقيرة، الأمر الذي منعه من متابعة تعليمه بعد دراسته الابتدائية في مدرسة قريته.
ترك مدرسته في سن الحادية عشر مهاجرًا إلى الإسكندرية طلبًا للعمل، وهناك عمل برفقة عمه الذي كان تاجرًا للتبغ في بيع السجائر أثناء النهار، أمّا في الليل فكان يطالع الكتب ويتعلم النحو والإعراب اللذين كانا كل شغفه، فتعلم كل ما استطاع إليه سبيلًا بنفسه أو عن طريق الكتاتيب. ويقول في هذا الصدد: "وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجائر في النهار في متجر عمي، وفي الليل كنت أدرس النحو والصرف تارة على نفسي وتارة في بعض الكتاتيب".
بدأ مسيرته الشعرية بمجموعةٍ من القصائد المتفرقة، أما أول ديوانٍ شعري له فكان ديوان "تذكار الماضي" في عام 1911.
اعتاد نشر قصائده في بعض المجلات اللبنانية التي كانت تصدر في مصر، وهناك التقى أنطوان الجميل الذي كان قد أنشأ برفقة أمين تقي الدين مجلة "الزهور"، فأعجبا به وقررا دعمه وبخاصة تقي الدين؛ فقد أصرّ على أن ينشر بعض قصائده في المجلة.
نتيجة كتاباته السياسية اضطر إلى الهجرة إلى أمريكا بعد ملاحقته من قبل السلطات التي لم تكن راضيةً عن كتاباته، فهاجر برفقة مجموعة من الأدباء الآخرين من أبناء جيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتمت تسميتهم بأدباء المهجر.
في بداياته اعتمد أسلوب القصيدة العامودية والموضوعات التي شملتها أغلب قصائد سابقيه، إلّا أنه غير من نمطه بشكلٍ كبير بعد هجرته.
هناك في الولايات المتحدة، أشرف على تحرير مجموعة من المجلات ك"المجلة العربية" عام 1916 ومجلة "مرآة الغرب" بعدها بعامين.
شارك عام 1920 في تأسيس الرابطة القلمية، التي بدأت فكرتها منذ عام 1916، وهي عبارة عن جمعية أدبية قام مجموعة من الأدباء أمثال جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وإيليا أبو ماضي بإنشائها، وضمت مجموعة أخرى من ادباء المهجر اللبنانيين والسوريين.
وقام أعضاء الرابطة بإصدار مجموعةٍ من المجلات وهي "مجلة الفنون" لنسيب عريضة، و"مجلة السائح" لعبد المسيح حداد، بالإضافة إلى "مجلة السمير" في بروكلين التي تولاها إيليا أبو ماضي والتي بدأت كمجلةٍ أسبوعية لتطرح بعدها بشكلٍ يومي. ويأتي إيليا ثالثًا في شهرته بين أعضاء الرابطة بعد جبران ونسيب.
وقد تم تفكيك الرابطة القلمية بوفاة جبران خليل جبران الذي كان يشغل منصب عميد الرابطة عام 1932.
تميز شعر إيليا أبو ماضي بطبعة التفاؤل، فكان يسمو بكل شيء نحو الجمال، يصنع من أحلك الظروف جنةً قادمة صاغ تفاصيلها في كل شطرٍ من قصائده. واشتهرت من دواوينه: "الخمائل" و"تبر وتراب" والجداول" بالإضافة إلى "ديوان إيليا أبو ماضي". كما لا تخلو مجموعاته من بعض الكتب النثرية.
أما قصائده فقد تميز العديد منها ولاقت نجاحًا مبهرًا نذكر منها: "فلسفة الحياة" التي يقول فيها "أيهذا الشاكي وما بك داء...كن جميلًا ترى الوجود جميلًا".
تزوج من دوروتي دياب ابنة نجيب دياب ورزقا بثلاث أولاد.
توفي إيليا أبو ماضي في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1957 مخلّفًا قصائدَ نعجز عن حصرها أو نسيانها.
ابتداء ديوان الجداول بمقدمة مؤثرة كتب فيها: "أنا لا أذكر شيئًا من حياتي الماضية، أنا لا أعرف شيئًا من حياتي الآتية، لي ذات غير أني لست لأدري ماهيه، فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي؟ لست أدري!".