نشعر بالسعادة كلما هلت نسمات شهر نوفمبر العزيز فهذا يعني اقتراب الشتاء الموسم المُفضل لدى المعظم، وأحد أسباب المحبة اللامتناهية لفصل الشتاء هي أن مُعدل القراءة يُصبح أعلى كثيرًا فالهدوء الذي يوفره ليل الشتاء يخلق الجو المثالي للقراءة.
لذا وفي شهر نوفمبر نرشح لكم 5 كتب نرجو أن تقضوا معها وقتًا ممتعًا في ليالي الشتاء الهادئة.
على الجسر: بين الحياة والموت - عائشة عبد الرحمن
إلى أن يَحين الأجل سَأبقى مَحكومًا بهذه الوقفة الحائرة على المعبر ضائعة بين حياة وموت، انتظر دوري في اجتياز الشوط الباقي وأردد في أثر الراحل المُقيم عَليك سلام الله إن تَكُن عبرت إلى الأخرى فنحن على الجسر
إن قراءة أعمال السيرة الذاتية فيها جوانب أخرى غير الجانب الذي اعتدته من صاحب السيرة الذاتية، فما بالك بالسيرة الذاتية لواحدة بوزن الكاتبة والمُفكرة والأستاذة الجامعية “عائشة عبد الرحمن” التي عرفناها تحت الاسم المستعار “بنت الشاطىء” حيث لم يكن من المسموح آنذاك للنساء بالكتابة فى الصحف والمجلات بأسمائهن الحقيقية.
الكتاب في أصله هو رثاء لزوجها “أمين الخولي” فتصف كيف هي رحلتها وحتى لقاءه، ولكنها لم تصف كيف كان اللقاء أو ماذا بعده فقط تأخذنا معها في الرحلة التي وصلت عن طريقها إليه دون أن تكملها معنا واحتفظت لنفسها بتفاصيل حياتهما سويًا بعد اللقاء ثم عادت لتخبرنا عن رحيله.
نتعرف على حياتها عن قُرب كما تقصها علينا، تُدهشنا تلك الإرادة الحديدية والإصرار على التعليم في الزمن الذي يرى فيه الأب أن أي عِلم خارج إطار العِلم الشرعي هو خروج عن الدين. نتعرف على الحيل التي استخدمتها لتصل إلى هدفها من سفر ومناورات ووساطة أقارب ومكوث عند معارف، لقد حاربت بكل ما تحمل الكلمة من معنى حتى تستطيع أن تتعلم كما تريد.
اختارت العنوان لتصف حياتها بعد رحيل زوجها “أمين الخولي” فهي على الجسر بين الحياة والموت منتظرة لقاءه مرةً أخرى، وأكبر عيوب الكتاب هي أنها لم تُشركنا معها في تفاصيل حياتها معه فبعدما أخذتنا في رحلة حياتها التي أوصلتها للقائه لم تُخبرنا أي شئ إلا وفاته هكذا وفجأة وبدون أي تفاصيل مرةً أخرى.
الكتاب جيد جدًا في فصوله الأولى ويشوبه بعض الملل في فصوله الأخيرة إلا أنه يظل كتاب جيد ويستحق القراءة.
على الجسر: بين الحياة والموت - عائشة عبد الرحمن
الساعة الخامسة والعشرون – قسطنطين جورجيو
هُناك بعض الميتات التي لا تخلف وراءها جثثًا
الساعة الخامسة والعشرون رواية للكاتب الروماني “قسطنطين جورجيو” صدرت لأول مرة عام 1949 ومُنعت في أوروبا لأعوام طويلة، فهي تتناول قسوة البشر في تلك الفترة الحالكة السواد التي لا يرغب الأوروبيون في تذكرها، إنها فترة النازية حيث لا صوت يعلو فوق صوت العنصرية والتطرف ولا رائحة سوى رائحة الدم.
وتدور أحداث الرواية حول الشاب الروماني البسيط “أيوهان موريتز” الذي يحلم بالزواج من حبيبته “سوزانا”، ويُخطط للسفر إلى أمريكا ليوفر النقود اللازمة لشراء أرض يبني عليها بيت يضمه هو وحبيبته بعد الزواج، ولكن ليت تحقيق الأحلام بتلك البساطة؛ ففي ليلة سفر “أيوهان” يُجن والد حبيبته ويقتل أمها لتتغير خطته ويُقرر البقاء مع حبيبته بعدما أصبحت وحيدة.
وبعد معاناة يتزوج الحبيبان لكن لا تدوم سعادتهما، حيث يرى “سوزانا” أحد الضباط ويُعجب بها ويقوم بتلفيق تهمة لـ “أيوهان” ليزيحه عن طريقه، ويتم ترحيل “أيوهان” إلى أحد المعسكرات النازية باعتباره يهودي وتفشل كل محاولاته لإثبات أنه مسيحي. وعلى مدار 13 عام ينتقل “أيوهان” من معتقلٍ إلى آخر، لنعيش قسوة الإنسان وظلمه وكيف يُمكن له أن يكون أشد ضراوة من الحيوانات المُفترسة.
الرواية ملحمية بحق ومليئة بالتفاصيل السوداوية، إلا أنها واحدة من أعظم الروايات التي يُمكنك قراءتها على الإطلاق.
الساعة الخامسة والعشرون – قسطنطين جورجيو
مذكرات ديمتري شوستاكوفيتش – سولومون فولكوف
الفن يُحطم الصمت
كتاب مذكرات ديمتري شوستاكوفيتش هو مُذكرات الموسيقار السوفيتي “ديمتري شوستاكوفيتش” والتي حررها وكتبها الصحفي “سولومون فولكوف”، وهي المذكرات التي واجهت عددًا كبيرًا من الانتقادات التي شككت في أصالتها حيث يدعي “فولكوف” أن نسخة الأوراق الأصلية والتي وقّع عليها “شوستاكوفيتش” بنفسه ليست بحوزته، إلا أن أبناء الموسيقار أكدوا في عدة مناسبات أن المذكرات حقيقية.
يقص علينا “فولكوف” على لسان “شوستاكوفيتش” قصة حياته والمعاناة التي عاناها داخل الأسوار الحديدية للاتحاد السوفيتي، فتصنيفه كمُعارض للسياسة الاشتراكية السوفيتية جعله مواطنًا غير مرغوب فيه، وفي نفس الوقت لم يتمكن من السفر خارج البلاد، لتُحيل السُلطة حياته جحيمًا.
على مدار سنوات كان “فولكوف” يقابل “شوستاكوفيتش” في جلسات ممتدة لكتابة تلك المذكرات، إلا أن “شوستاكوفيتش” اشترط ألا يتم نشرها إلا بعد وفاته، وهو ما تم بالفعل حيث توفي عام 1975 ليتم نشر المذكرات من خلال ناشر أمريكي عام 1976.
مذكرات ديمتري شوستاكوفيتش – سولومون فولكوف
انكسار الروح – محمد المنسي قنديل
كُنا نعيش أيامًا لا يمر فيها الزمن … لكنه يموت
أعترف أنني منحازة لأدب “محمد المنسي قنديل” فهو أديب لا يشق له غبار، أديب قادر على أن يحول رواية رومانسية تقليدية حول الفتى ابن الطبقة المتوسطة الذي يُحب الفتاة الفقيرة إلى ملحمة سوداوية حزينة.
“انكسار الروح” هو العنوان الأنسب لتلك الرواية التي تدور أحداثها في مصر الستينيات وتقديس الناس لشخص “جمال عبد الناصر“؛ بل كيف يمكن أن يقمعك و يسجنك “عبد الناصر” فتدافع عنه وتبرر له هذا كما حدث مع والد “علي” بطل الرواية، مصر النكسة والتنحي، مصر بعد “عبد الناصر” ثم نصر أكتوبر وبداية ظهور قطط الحرب السِمان.
قصة غرام حزين بين “علي” طالب الطب، و”فاطمة” الفتاة شديدة الفقر ساكنة العشوائيات، قصة تعايشت مع ألمها وإن لم أستطع أن أحب أبطالها فلم أتعاطف مع “فاطمة” وكرهت تخاذل “علي”.
كانت الآراء عن تلك الرواية دائمًا ما تؤكد أنها كئيبة وحزينة، لكن ما وجدته أن ما بها كان مختلفًا، هو شعور مختلف عن الحزن أو الكآبة، الرواية منذ البداية أخذتني لعالمٍ ملئ بالشجن فحتى وصف الأماكن والأشخاص والحقبة الزمنية كان وصفًا مليئًا بالشجن.
انكسار الروح – محمد المنسي قنديل
كيمياء الصلاة – أحمد خيري العمري
كان من المؤلم جداً أنّ الناس لا يصلون، ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلّوا، ربما لا يتغيّرون
“كيمياء الصلاة” سلسلة مكونة من خمس كتب تدور جميعها حول الصلاة، تبدأ بالكتاب الأول وعنوانه “المهمة غير المستحيلة” ويناقش فيه “العمري” الدافع وراء صلاتنا، ويسأل “لماذا نُصلي؟” ويجيب عن السؤال، ويتحدث عن طبيعة البشر وحاجاتهم منذ بدء الخلق إلى طقوس تعبدية يلتزمون بها، وكيف تحولت الصلاة إلى عادة بدلًا من كونها عبادة تتفتح لها أرواحنا.
ثم الكتاب الثاني وعنوانه “ملكوت الواقع” ويناقش فيه الخطوات التمهيدية التي تسبق الصلاة، تلك المُحفزات المتوالية التي تُمهد لحالة الصفاء المطلوبة للصلاة فيتكلم عن الآذان والوضوء وتحري القِبلة واستحضار النية ثم الاستفتاح والدعاء الأول للصلاة.
أما في الكتاب الثالث وعنوانه “عالم جديد ممكن” نبدأ الصلاة بالفعل ويتحدث “العمري” عن الفاتحة يتوقف عند كل آية ويستشعر معناها ويستحضره في الصلاة، ثم الكتاب الرابع وعنوانه “فيزياء المعاني” وفيه يشرح “العمري” حركات الصلاة واحدة تلو الأخرى ومفهوم كل منها وأهميتها من ركوع وقيام وسجود وجلوس وسجود.
ثم الكتاب الخامس والأخير وعنوانه “سدرة المُنتهى” ويتحدث فيه “العمري” عن القعود الأخير في الصلاة، الحركة الأخيرة قبل التسليم، يُخبرنا عن التحيات والتسليم على رسول الله فيها ويشرح معانيها قبل أن ننتهي معه من صلاة كانت بمثابة رحلة روحية وليست مجرد حركات دون روح.
كيمياء الصلاة (1) المهمة غير المستحيلة
كيمياء الصلاة (2) ملكوت الواقع
كيمياء الصلاة (3) عالم جديد ممكن
كيمياء الصلاة (4) فيزياء المعاني
كيمياء الصلاة (5) سدرة المنتهى