النسبية وسرعة الضوءوأشار الكاتب إلى نظريات العالم الفيزيائي الألماني ألبرت آينشتاين عن المكان والزمان، والتي تفضي في الأساس إلى القول إن المكان والزمان هما جزء من شيء واحد يدعى "الزمكان"، وأنه يتعين علينا الاستعداد للتفكير في المسافات في الزمن بشكل مماثل لتفكيرنا في المسافات في المكان.
ورغم غرابة ما قد يبدو عليه ذلك، فإننا نجيب بسرور أن المدينة الفلانية مثلاً تبعد عنا ساعتين ونصف، أي أن الرحلة إليها تستغرق ذلك الزمن إذا سافرنا إليها بسرعة ثمانين كيلومترًا في الساعة مثلاً.
ويدعم كاتب المقال حجته بما جاء في كتاب للعالمين الفيزيائيين برايان كوكس وجيف فورشاو، توصلا فيه إلى استنتاج مفاده أن الوقت والمسافة "يمكن استبدالهما باستخدام شيء يمتلك خصائص السرعة".
ويربط آينشتاين بين قدرتنا على السفر عبر الزمن وبين نظرية السببية، أي القانون الذي يفيد بأن هناك تأثيرًا يأتي دائمًا بعد السبب. ومن هذا المنطلق، نجد أن السببية تمثل عائقًا يحول دون إدراكنا لما يحدث في مناطق أخرى من الكون.
كما تقف نظرية السببية عائقًا أمام آمال الذين يُنادون بجدوى السفر عبر الزمن وتثبّطها، ولا سيما أن سفر الإنسان عبر الزمن وعودته إلى تواريخ تسبق وجوده من أجل التخطيط لأحداث من شأنها منع حدوث ولادته، يتعارض بشكل صارخ مع مبدأ السببية الذي ينص على أن التأثير يأتي بعد السبب ولا يسبقه.
وأفاد كاتب المقال أن آينشتاين أدرك أن عاقبة كون سرعة الضوء -التي تزيد على 299 مليون كيلومتر في الثانية- مطلقة، هي أن المكان والزمان نفسهما لا يمكن أن يكونا مطلقين.
وتقضي نظرية آينشتاين بأن التنقل بسرعة الضوء يتمحور حول مبدأ النسبية، حيث سيمر الوقت عاديًا بالنسبة للشخص الذي هو بصدد التحرك، لكنه سيبدو للناظرين كأنه مجمد في الزمن، في حين أن هؤلاء سيبدون له وكأنهم يتحركون بسرعة كبيرة إلى الأمام.
ولسوء الحظ، لن يكون التنقل بسرعة تتجاوز سرعة الضوء بالأمر اليسير، حيث سيتطلب ذلك مقدارًا غير محدود من الطاقة. وحتى إذا ما تمكنا من تحقيق ذلك، لن نضمن أن الوقت سيتحرك للوراء بكل بساطة، حيث إن الحديث عن التنقل إلى الأمام والخلف لن يكون أمرًا منطقيًا.الثقوب الدوديةوتوضح نظرية آينشتاين أن قوة الجاذبية تنجم عن الطريقة التي تعتمدها الكتلة في ثني نسيج الزمان والمكان، وهو ما يعني أنه كلما ازداد حجم الكتلة في منطقة ما من الفضاء، ازدادت مساحة الزمكان وتباطأت حركة عقارب الساعات القريبة منها.
وفي حال تزايد تركيز الكتلة في مكان واحد، سيصبح الزمكان مشوها لدرجة كبيرة حتى أن الضوء لا يستطيع الهرب من جاذبيته، وهو ما سيقود إلى تشكيل ثقب أسود.
وكي نصبح قادرين على السفر عبر الزمن، نحن بحاجة إلى ثقب دودي سالك يمكننا عبوره، لكن ذلك يحيلنا إلى ضرورة خلق مناطق طاقة سلبية لتحقيق الاستقرار داخل الثقب الدودي. وفيما يتعلق بهذا التصور، تفيد القوانين الفيزيائية للقرن التاسع عشر باستحالة تطبيقه، وهو ما لا تستبعده في المقابل النظريات الحديثة لميكانيكا الكم.
ويبين الكاتب أن التوصل إلى نظرية ثابتة تجمع بين معطيات نظرية ميكانيكا الكم ونظرية آينشتاين حول الجاذبية، يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة للعلماء المختصين في الفيزياء النظرية، لكن نظرية الأوتار (التي تعرف باسم النظرية "إم") من شأنها تقديم احتمالية واعدة لمقاربة السفر عبر الزمن.
لكن نظرية الأوتار تتطلب أن يكون للزمكان 11 بُعدًا: أحدها بعد الزمان، وثلاثة أبعاد للمكان الذي نتحرك فيه، وسبعة أبعاد أخرى متعرجة وصغيرة بشكل غير مرئي، كان هوكينغ متفائلاً بشأن قدرتنا على اعتمادها لاختصار المكان والزمان. حفظ التاريخوعلى الرغم من أن فهمنا الحالي للسفر عبر الزمن لا يستبعد حدوثه، فإنه غير قابل للتطبيق بنسبة عالية. ويرجع ذلك إلى فشل نظريات آينشتاين في وصف بنية الزمكان بدقة كافية، فضلاً عن كون قوانين الطبيعة متناسقة بشكل لا يسمح بحدوث مفارقات عجيبة تقوم على العبث بالسبب والتأثير بالشكل الذي يسعى السفر عبر الزمن إلى القيام به.
وخلص الكاتب إلى أننا -سواء تضمّن مستقبلنا آلات للسفر عبر الزمن أم لا- يجب ألا ننسى أننا مسافرون عبر الزمن بطريقة ما، حيث إن سيرنا وفق سرعة عالية يعني أننا نساهم في تغيير سرعة دوران عقارب الساعة حولنا، مما يعني أننا مسافرون عبر الزمن، لكن ليس بالطريقة التي نطمح إليها.