صدرت القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالميَّة في نسختها العربيَّة للعام 2019، وتتضمَّنت 16 روائيّ ورواية، على أن تتقلّص إلى اختيار عناوين القائمة القصيرة التي ستصدر في شباط/ فبراير العام القادم، فيما ستعلن الرواية الفائزة خلال شهر نيسان/ أبريل منه، سنتعرّف في هذا المقال إلى أسماء الروايات التي وصلت إلى القائمة الطويلة ومن هم كتّابها وعمَّا تتحدَّث.
حرب الغزالة – عائشة إبراهيم
صدرت رواية حرب الغزالة للروائيَّة الليبية عائشة ابراهيم خلال العام 2019 في طرابلس عن المكتبة العلميَّة العالميَّة، وتتنقّل الرواية متأرجحةً بين التاريخ الليبي وبين سردٍ لعاداتٍ منتشرة في منطقة جبال الأكاكوس، المملكة الواقعة في أقصى جنوب غرب ليبيا.
تندرج الرواية ضمن الإطار الخاص بالدعوة لإعادة التاريخ وقراءته بشكلٍ أدقٍّ وأوضح، إنَّما بصيغةٍ سرديَّةٍ روائيَّة، حيث عرض لطريقة الحياة، طريقة العيش التي كانت في زمنٍ مضى، حروبٌ طاحنة وشخصيَّاتٌ تعود إلى عمق التاريخ، لنكون أمام رواية تسردُ التاريخ وكأنَّهُ راهننا الحربيّ الذي نعيشه.
رباط المتنبي – حسن أوريد
العنوان الثاني ضمن قائمة البوكر الطويلة تضمّنت رواية المغربي حسن أوريد، المعنوَنة بـ رباط المتنبي والصادرة لدى المركز الثقافي العربي في المغرب خلال العام 2019، وتتحدَّث الرواية، أو لعلّها تسأل أكثر من الحَكي عن الواقع العربيّ، وما آلَ إليه.
جاء في تعريف الروائي لعمله ملخِّصاً الأحداث: “المتنبي هو سبب المأساة، أو جزء منها. سحَر الجميع بقوة نظمه وجزالة شعره… آويته وقد أعرض عنه الجميع.. آويته ولم يجد حاضناً ولا مُؤْنساً.. ومَن ذا يُؤوي شخصاً مُعتدّاً بنفسه، يملأه الزُّهو ويستبد به العُجب؟!… رقّ قلبي له وقد أتاني لاجئاً.. كنت أرى ما حلَّ بالعراق من تمزق، وما لحق بسوريا من دمار، وكان ذلك يُدمي قلبي… خشيت أن يندثر لسانه ويغور شعره… كنت زرت العراق ووقفت بعيني على ما استحدثه التتار الجدد. هلهلوا سداً كان قائماً. الناس أفراد منفصلون بعضهم عن بعض أو شيع وميليشيات. حتى اللغة العربية لم يعودوا يحسنونها.. بل لم يعودوا يحسنون الحياة.. يعادون بعضهم بعضاً، ويقيمون المتاريس، وأضحوا كما في سالف الزمن حِلّاً لكل غازٍ. للبويهيين الجدد والسلاجقة الجدد.. ثم كنت أرى ما حلَّ بسوريا.. دمشق جريحة، وحلب خراب، وحمص أنقاض، ودرعا حطام…”.
تحكي الروايةُ بشكلٍ عام حول المتنبي وهو في الرباط!، ليتعرّف عن كثبٍ على الواقع العربي برمّته، حيثُ التكثيف اللغويّ، المُفضي إلى الفهم عبر التاريخ وصولاً إلى حاضرنا المعتِم.
ماذا عن السيدة اليهودية راحيل؟ – سليم بركات
يعود الروائي الكردي السوري سليم بركات في رواية ماذا عن السيدة اليهودية راحيل؟ هذه إلى مسقط رأسه، وذلك بعد أن ابتعدَ عنه منذ روايته السير ذاتيَّة: “الجندب الحديدي” ودخل دهاليز الفنتازيا والشخصيَّات المتخيَّلة والمُشبعة بروح الواقع والحقيقة في تركيبةٍ معقَّدةٍ للغاية، يعود ليثيرَ الأسئلةَ مرَّةً أخرى بلغته المكثَّفة وخياله الأوسع.
صدرت الرواية لدى المؤسسة العربيَّة للدراسات والنشر خلال العام 2019، وتتحدَّث عن اليهود في مرحلةٍ تاريخية تعود إلى العام 1967، عام الحرب، وعام المضايقات برمّتها، حديثٌ عن الأرمن واليهود والكرد في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، حيثُ الحرب التي تخوضها تلك المناطق في الوقت الرَّاهن، وما جاء على الغلاف الخلفي للرواية يوضَّحُ الأمر وفق ما دوَّنه بركات بالاقتضاب عينه الذي عهدناه منه: “مراهقون يدرِّبون أعمارَهم على الثرثارتِ حُرَّةً، في خوفهم من حريَّةٍ يحذرها المكانُ.
سياقٌ جامع لمجتزآتٍ عن الحيِّ اليهودي في القامشلي، وعن الأرمن، ومناهج الخوف، مؤطَّرةً بحكاية حب غير مكتملة، بعد حرب 1967، في دولة كلها إغراءٌ بالرحيل، وإبداعٌ للشَّغف بخطط الهجرة”.
النوم في حقل الكرز – أزهر جرجيس
ما حصل في العراق عقب العام 2003، نجده حاضراً بتقنيةٍ سرديَّةٍ ضمن رواية العراقي أزهر جرجيس النوم في حقل الكرز الصادرة لدى دار الرافدين في العراق خلال العام 2019، هذه الرواية التي تُعيد مهاجراً عراقيَّاً في بلد أوروبي برسالةٍ مستعجَلة إلى بغداد، فيضطرّ إلى ترك الغربة والتوجّه نحو بغداد، العاصمة التي تعيش التطرّف، وتبحث رحلة البطل في البحث عن مراسلةٍ صحافيَّة، وما يعتور هذا البحث من رحلاتٍ استكشافيَّة بمنظارِ العراقيّ نفسه، والبحث عمَّا جرى بعد العام 2003، حيثُ المفاجآتُ والسردُ البارع، ولن ينسى الروائي حسَّ الفكاهة الذي اشتُهر به خلال كتاباته السابقة.
حطب سراييفو – سعيد خطيبي
عن منشورات الاختلاف في الجزائر ومنشورات ضفاف في بيروت، صدرت رواية الجزائري سعيد خطيبي المعنونة بـ حطب سراييفو خلال العام 2019، لتمضي بالقارئ نحو التقاء ما حصل في سراييفو وفي الجزائر في مصبٍّ واحد، أحداثٌ مؤلمةٌ مختلفة ولكنّها تتلاقى في مصبٍّ واحد، وهو العنف، العنف بكلّ أشكاله.
تحضرُ الحرب في الرواية بمظهرها البَشع، لتوصِل المصائر ببعضها البعض، بين البوسنة وبين الجزائر، هكذا بكل بساطةٍ سرديَّة، سوى أنَّ الأمل يحضُر بقوَّةٍ ليفعل فعل المُخرِج وهو يسوّي المشهد ويرتبّه.
لم يُصلِّ عليهم أحد – خالد خليفة
عن دار هاشيت أنطوان – نوفل من بيروت، صدرت رواية لم يُصلِّ عليهم أحد للسوري خالد خليفة خلال العام 2019، لتحكي مَرَّةً أخرى عن التغريبة السوريَّة، القديمة الجديدة، تلك التغريبة التي باتت محطَّ أنظار العالم، ولكن هذه المرَّة انطلاقاً من حلب، حيثُ عشرات الأشخاص والشخصيات والمصائر المُتشابكة، ليقول عنها الناشر على الغلاف الخلفي إنَّها روايةٌ: “تحفر في سرديات المنطقة، وتقترح سردية جديدة ومختلفة لمدينة حلب في القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، عبر قصص متشابكة عن الحبّ الموؤود، والموت المحقق عبر المجازر والطاعون والزلازل والكوليرا، ومفهوم الهوية والانتماء وأسئلتهما.
إنها ليست مجرّد رواية عن طفل مسيحي ناجٍ من مجزرة ماردين، تربّيه عائلة مسلمة في حلب، بل ملحمة إنسانية حقيقية عن الطوفان والقلق البشري، عن وهم النجاة من هذا الطوفان، وعن ورطة الحياة بحدّ ذاتها.
مصائر صغيرة تقودنا إلى مصائر أكبر لمدينة حلب التي شهدت عبر تاريخها الطويل تحوّلات اجتماعية وسياسية ودينية عميقة، يرصدها خليفة بتقنيات جديدة، في هذه الملحمة المسكونة بالحبّ والموت”.
ملك الهند – جبور الدويهي
عن دار الساقي عام 2019 في بيروت، رواية آسرة وصلت إلى القائمة الطويلة للبناني جبور الدويهي موسومة بعنوان: “ملك الهند“، رواية تكاد أن تكون حفراً في اللغةِ والحكاية معاً، فعلى مدار 228 صفحة، يسرد الدويهي حكاية قتلٍ غامضة لشخصيَّته زكريا بن ابراهيم العائد إلى مسقط رأسه، لتبدأ الدوَّامة الكبرى، حيث: “تدور الشبهات حول أبناء العمومة الذين ربمّا قتلوه طمعاً في كنز توارثت العائلة أنَّ الجدّة قد أخفته تحت المنزل الذي شيَّدته لدى عودتها من أمريكا”، لتختلط الروايةُ أكثر بخرافات الذهب وتَرِكاتِ الملوك.
الحيّ الروسي – خليل الرز
عن منشورات ضفاف والإختلاف خلال العام 2019، تسرد رواية “الحي الروسي” للسوري خليل الرز حكايات التداعي والحكي على ألسنة الغير، رواية تجريبيَّة على قدرٍ هائلٍ من الحِرفيَّة، برع خلالها الروائي في سرد تاريخيّ عن سوريا الأمس واليوم وتنبؤَاً بسوريا الغد القاتمة، سوريا القصف من الحيّ الروسي.
آخر أيَّام الباشا – رشا عدلي
عن الدار العربية للعلوم ناشرون، صدرت آخر أيَّام الباشا للمصريَّة رشا عدلي خلال العام 2019، وتحدَّثت الرواية عن حقبة تاريخيَّة، حين أهدى محمد علي باشا زرافةً إلى الملك الفرنسي! لتتوضَّح “الحتّوتة” وهي الصراع بين الغرب والشرق، هذا الصراع الأزليّ، كما تفعل الرواية في أن تتنقّل بين فتراتٍ تاريخيَّةٍ مختلفة التكوينات.
سفر برلك – مقبول العلوي
في رواية سفر برلك للسعودي مقبول العلوي والصادرة لدى دار الآداب بيروت خلال العام 2019، ننتقل إلى مرحلة العثمانييّن، هذه المرحلة التي كُتب عنها عشرات الأعمال الروائيَّة، نرى البطل “ذيب” وهو أسير لدى العثمانيين ويتمّ نقله وترحيله إلى دمشقَ من المدينة المنوّرة كما جرت العادة لدى العثمانييّن، ذيب الذي سبق وأن اختطف طفلاً من مكة المكرمة وبِيع كعبدٍ سيلقى نفسه في العاصمة دمشق عاملاً في خانٍ لسيدةٍ تنتظر رحيل العثمانيين، رواية دافئة، على الرغم من بعدها التاريخيّ.
الديوان الإسبرطي – عبد الوهاب عيساوي
رواية الديوان الإسبرطي للجزائري عبد الوهاب عيساوي والصادرة لدى دار ميم للنشر في الجزائر خلال العام 2019، تتحدَّث أيضاً عن الوجود العثماني، رواية تاريخيَّة ضدّ التواجد العثماني في الجزائر، وورد في ملخص العمل: “تعود طولون إلى الذاكرة كمهرجان الهتاف، ووجوه مألوفة وأخرى غريبة تجوب الشوارع، جنود في صفوف لا نهائية، خطواتها رتيبة تهدف إلى الميناء، الكل يودّ أن يكون جزءا من الحرب المقدسة، التي تبعث المجد لأمّة خُدش شرفها وأهين، الكل يريد القضاء على ربوة القراصنة التي تستعيد المسيحيين، الكل يحلم بالقضاء على أسطورة الأتراك المتوحشين في المتوسط، ولكن كيف هي طولون اليوم؟”.
سلالم ترولار – سمير قسيمي
أيضاً سلالم ترولار للجزائري سمير قسيمي والتي صدرت عن دار المتوسط تدور حول فُلك التاريخ، والعودة إلى الماضي إنَّما بطريقةٍ ساخرة، انتقادٌ لما حصل أو يحصل في الجزائر سياسيَّاً، محاولة لرسم انتفاء أو لعلّه -اختفاء- الحواجز والأبواب في السجون والبيوت، كل ذلك متداخلاً مع القلق، قلق الشخصيَّات:
أضيف داخل رأسي أنني جئت من مكان أضاع جغرافيته.
لا يقع في أي مكان.
كل ما يوجد بحر نقطعه على قوارب لا تصلح للبحر.
أنا من هناك، حيث لا يحلم الناس إلا بهنا.
أبكي في داخلي، مبتسماً في الظاهر.
أضحك أيضًا.
ضحكتي تشبه نباح كلب متشرد.
حمّام الذهب – محمد عيسى المؤدب
رواية للتونسي محمد عيسى المؤدب صدرت عن دار مسعة ومسكيلياني للنشر خلال العام 2019، قال عنها الروائي التونسي محمد الحباشة على الغلاف الخلفي للطبعة: “في هذه الرواية يورِّطنا محمد عيسى المؤدب في لغز من ألغاز مدينة تونس، حمَّام الذهب، وخرافة الجنّ الأحمر الذي يخطف الصبايا، بلغةٍ لا تعوِّل إلَّا على فصاحة السرد وحبكة مشوِّقة تمزج الواقعيّ بالخرافي، مادتّه في ذلك كله الحكاية الشعبيَّة التونسية وهي تنعطف على حياة الأقليَّات في تونس وترصد تفاصيل إقامتهم في أحياء وسمت الذاكرة التونسيَّة كالحلفاوين وباب سويلة والبلاد العربي وحيّ الحارة”.
اختلاط المواسم – بشير مفتي
رواية اختلاط المواسم للجزائريّ بشير مفتي الصادرة لدى منشورات الاختلاف خلال العام 2018، تحكي حكاية الأزمان الموِحشة والمفترسة، رواية تحكي الانتحار والخوض في تفاصيل حياةٍ غامضةٍ غير معروفة النهاية، رواية الشرّ وتكوّنه النفسيّ، عبر شخصيات شبَّانٍ يهمّهم السؤال الفلسفي حول مشاكل الفرد في المجتمع.
السؤال الأبرز الوارد في الرواية والحِكاية هو البحثُ عن تكوِّن الشرّ، عن اكتشاف بعض الشخصيَّات هوسهم بالقتل والفتك.
التانكي – عالية ممدوح
أيضاً عن منشورات المتوسط، للعراقيَّة عالية ممدوح وخلال العام 2019، سنراقب عفاف، الشخصيَّة الأساسيَّة وهي تغوص في تاريخ بلادها، حيثُ الألم والانكسار والمنافي والتشرُّد، باريس وبغداد، الوجهتان المتناقضتان.
رواية التانكي حافلة بالتناقضات المريرة، أحداث متشابكة وتمضي على الوتيرة ذاتها من التعقيد، إنّها رواية التجربة الواقعيَّة مع الاغتراب.
فردقان – يوسف زيدان
كذلك، رواية فردقان للمصري يوسف زيدان والصادرة لدى دار الشروق، تستغرق في بعدها التاريخيّ، حيث عودة إلى الفيلسوف ابن سينا، أو الشيخ الرئيس، العنوان الفرعي للرواية: عودة الشيخ الرئيس، واعتقاله في قلعة فردقان مدّة أشهرٍ أربع، بعد خلافٍ ذو منشأ سياسي بينه وبين سماء الدولة أمير همذان، لينتهي خلال الأشهر تلك كتابة ثلاث مؤلفاتٍ له وهي: الهداية ورسالة القولنج وحي بن يقظان، رواية تعود بنا إلى التاريخ، بسردٍ يؤكّد على ضرورة إنقاذ المفكّرين من قبضة السَّاسة.
يُذكر في السياق أنّ بيان جائزة البوكر ذكر في إطار تعليقه على القائمة الطويلة وعلى لسان محسن الموسوي، رئيس لجنة التحكيم: “تنوعت روايات القائمة الطويلة في مضمونها، فتناولت موضوعات الحرب والسلام والتاريخ وقضايا الجماعات المهمشة والأقليات، والعلاقة بالآخر.
كما تعتني الروايات بالأزمة الفردية والإنسانية، وتعتني بالتجريب الروائي وإشكالياته، وكانت الروايات المرشحة تتنافس بشدة موضوعاً وأسلوباً، ولهذا أخذت اللجنة في الاعتبار أهمية التركيز على صنعة الرواية وثرائها وتنوع مقارباتها واكتنازها الأسلوبي والفكري والموضوعي”.