إشراقة النور

 

إشراقةالنُّور

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنَّ عقيدة التَّوحيد نورٌ خارجيٌّ يُلقيه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده، فإذا طرق ذلك النُّور أبواب القلب، اهتزَّت به جبلَّة العبد الخالصة، فإذا وافقه العبد بالتَّسليم والقبول أجلى عنه رانه كما تُجلي النَّار الصديد عن الحديد فيبرق، فيشعُّ نور القلبي الأصلي الفطري الجبلي، ثمَّ ينفجر ذلك النُّور من داخل القلب فيدفع كلَّ الشَّوائب المتعلِّقة به حتَّى يظهر على الجوارح بمبدئِ اللِّسانِ، فينطق به قولا وتصديقا، فإذا ما وافقه الإنسان واتَّبعه عمِلَ به سائر جسده، فإن سلَّم له واتَّبعه في كلِّ أحواله تمكنَّ منه وانتشر على سائر جوارحه، فيُرى التَّوحيد في قلبه تصديقا، وعلى لسانه نطقا، وعلى جوارحه عملا، فيرسخُ رسوخَ الجبال، فلا جحافل الأهواء تمنعه، ولا جيوش الشهوات تقمعه، ولا غُبار الفتن يمنعه، ولا قٌطَّاع طُرُقِ الأنوار توقفه، وحتَّى إن عرضته الزلَّات يتلقَّاها نوره بالتَّوبة والإنابة، فيمحق عوالقها فيعود برَّاقا كالثوب إذا ما غُسل، فإن رحَّب المسلمُ بكلِّ هذا فُـتِّحت له أبواب العلوم والفهم على مصرعيها، فإن سار فيها سيَّرهُ الله تعالى مهيِّئًا له جنوده الخفيَّة، فإن توكَّل عليه حقَّ توكُّله زاده وألقى في نور قلبه لذَّة علمه، فلا يبغي عنه حولا، ولا يرضى بغيره بدلا، فتراه سعيدا ولو في المصائبِ، فرحا ولو في الأحزان، نشوانا ولو في التعب، وإن جاع، وإن ظُلمَ، وإن تعرَّى، وإن قُهرَ، فيرى الدُّنيا من فوق علم، علمٍ من نور يكسوه علم من صخر،  نور حارق لكلِّ الأهواء والشهوات، وصخر لا يَهزُّه الظلم ولا الضُّلمات، فحينها يصلِّي على النبِّي الذي بنور سنَّتهِ رأى النور، شاكرا لله الغفور الشكور الذي بفضله طرق قلبه ذلك النور، فصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

 

خواطر

الدكتور أبو فاطمة عصام الدين.


إشراقة النور