مسرحية فاوست: في مقابل طرد إبليس من الجنة
آدم أبو البشر، ولهذا السبب لم تخلُ رحلة الأدب العالمي من قصته مع حواء بشتى جوانبها، وكذلك قصته مع الشيطان والعداوة المستمرة بين بني الشيطان وبني آدم. بما في ذلك قصة عصيان إبليس للأمر الإلهي بالسجود لآدم وتمرده ومشاعر الغيرة والغضب والحقد الموجودة عنده التي تسببت في لعنته إلى أبد الآبدين بالإضافة إلى محاولته الدائمة لإغواء البشر، كلها قصص ألهمت الكثير من الفنانيين سواء الكتاب أو الرسامين والمخرجين كذلك.
مسرحية فاوست للكاتب والأديب الألماني الشهير يوهان جوته اعتمدت على ثيمة من قصص آدم والشيطان، فبعد طرد إبليس من الجنة ووعيده لأهل الأرض بالشقاء الدائم في الإطار الدرامي يتجسد هذا الوعيد والإغواء المستمر بمحاولة الشيطان لما يسمى “شراء الروح”.
حينما يقابل الشيطاء “مفستوفيليس” الدكتور فاوست غير الراضي عن حياته يساومه على روحه وجسده للشيطان في مقابل أربعة وعشرون عامًا من الشباب المطلق يحقق فيهم فاوست كل ما يتمنى من ملذات محرمة، وفي النهاية عندما جاء مفستوفيليس لتنفيذ الاتفاق بعد المدة المحددة يخاطبه صوت من السماء في خاتمة المسرحية بـ “لن تفلح فيما تريد أبدًا”.
مسرحية سليمان الحكيم – في مقابل سليمان والجان
“وإن القدرة مغرية ما ملكها أحد حتى بادر إلى استخدامها فيما ينبغي ولِما لا ينبغي… إن أزمة الإنسان الآن وفي كل زمان هو أنها تتقدم في وسائل قدرتها أسرع مما تتقدم في وسائل حكمتها”.
يستهل توفيق الحكيم الطبعة الثانية من مسرحية سليمان الحكيم بمقدمة بها الاقتباس السابق، كما يؤكد في المسرحية أنه اعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية وهي القرآن والتوراة وأساطير ألف ليلة وليلة.
تتناول المسرحية قصة حب بين سليمان الحكيم وملكة سبأ التي يحاول امتلاك قلبها بكل الطرق الممكنة إلا أنه يفشل في النهاية وتظل الملكة أسيرة حب الأمير المسجون لديها.
يأخذ الكثير عن تلك المسرحية انحيازها للرؤية اليهودية التي تختلف كثيرًا عن الرؤية الإسلامية له، ومع ذلك هو في النهاية عمل أدبي منفصل تمامًا عن سياق القصة الديني، فما يريد أن يقول الحكيم من خلال مسرحيته أن الحب وامتلاك قلب الحبيب ليس بالأمر السهل حتى لو كنت تمتلك كل هبات وإمكانيات النبي سليمان.
مسرحية أهل الكهف: في مقابل الزمن والحب لقصة أهل الكهف
تعد مسرحية أهل الكهف من أشهر مسرحيات توفيق الحكيم وأكثرها انتشارًا في الوطن العربي وفي الخارج كذلك بما أنها ترجمت لأكثر من لغة، والجدير بالذكر أن قصة أهل الكهف ونومهم لسنين هروبًا من بطش ملك ظالم موجودة في التراث الإسلامي والمسيحي. يبنى الحكيم قصته بناء على الرؤية الإسلامية فيما يخص الكثير من التفاصيل كالمدة التي لبثوا فيها وعددهم، والحقيقة أن المسرحية تتناول عنصرين بشكل متضافر رائع؛ وهما الزمن والحب.
فبعد السنين التي لبثها أبطال المسرحية يستيقظ كل منهم ويحاول أن يبحث عن علاقاته الاجتماعية ليشعر بالدفء مرة أخرى، فالحب هو عماد البشرية. ولكن مع تصادم كل منهم مع الواقع وغياب أحبائه وموتهم يعود كل منهم إلى كهفه مرة أخرى كما سيحدث مع أي منا إن لم يجد من يحبه سيعود إلى كهفه -النفسي- وينغلق على نفسه.
رواية السمان والخريف: في مقابل صلب عيسى
كعادة قلم نجيب محفوظ نجد في الحكاية الواحدة العديد من المستويات النفسية والاجتماعية للأبطال ومع ذلك فهي إشارات خفية تمامًا تجبرك على إعمال عقلك، في رواية السمان والخريف يمكن تفسيرها من منظور الاجتماعي السياسي فتجد في شخصياتها الأمثلة السياسية الموجودة حولك، أو إلباسها عباءة التحليل النفسي فترى بوضوح أزمة البطل في الاغتراب النفسي. ولكن اليوم سنحاول رؤية قصة المسيح بها، أو بمعنى أدق قصة صلب المسيح وفقًا للرواية المسيحية.
في البداية أعطى نجيب محفوظ البطل اسم “عيسى”، عيسى المسيح الذي حمل أخطاء العالم على عاتقه وصلب (حسب الرواية غير الإسلامية) ليخلص الجميع منها، أما عن “عيسى” محفوظ فيرى طوال الرواية أنه محمل ومثقل بأخطاء كبار السياسيين وعليه التكفير عنها ليتحرر، حتى يبدأ في رؤية تمثيلات الصليب أمام عينيه في كل مكان بالإضافة للعديد من الإشارات الأخرى. ولأنه ليس يسوعًا ولا مخلصًا يمكنه تخليص أحد وحتى تخليص نفسه ويدرك أنه مثله مثل جميع البشر ينتظر من يخلصه ويحمل أخطاءه على عاتقه، وعندما يقتنع بهذا، عندها فقط تنتهي رحلته مع الاغتراب.