لأنـــــك الله
" الجبار"
يحبك سبحانه مبتسماً، فيصنع من جميل أقداره ما يعين ثغرك على الإفترار، ويجعل الإبتسامة تطرد ملامح الكرب عن وجهك...
إذا رأيت منكسراً فاجبر كسره، كن أنت الذي يستخدمك الله لجبر الكسور، لا تنم وجارك جائع، لا تضحك وأخوك يبكي، لا تنعم بدفء بيتك وهناك من هدهدت رياح الشتاء أبدانهم الضعيفة...
كن النافذة التي يتسلل منها الهواء الشفيف على النفوس التي خنقتها أدخنة الحياة الصعبة، تخلّق بخلق الجبر، كن اليد العليا...
يزور النبي ﷺ اليهودي المريض!
يكنس أبو بكر رضي الله عنه بيت العمياء ويطبخ لها طعامها!
يموت خصوم ابن تيمية فيبشرونه بذلك، فيغضب ويذهب مباشرة إلى أهله فيعزيهم ويقول لهم: أنا كوالدكم، لا تحتاجون شيئاً إلا وأخبرتموني!
كانوا منشغلين بالمهمة العظيمة، مهمة جبر القلوب المنكسرة، كان الله يستخدمهم لذلك الشرف العظيم
قل يا الله.. بيده مفاتيح الفرج، الشفاء له خزينة عظيمة القدر والحجم، أتعلم أين هي تلك الخزينة؟ إنها عند الله!
السعادة كذلك لها خزينة، أتترك من بيده ملكوت كل شيء، وتنصرف إلى عبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا؟
والكلام هنا.. ليس عن طلب العلاج، فهو مشروع، بل حديثنا عن التعلق بالمخلوق ونسيان الخالق!
ينزل رسولنا ﷺ من الطائف محملاً بقدر عظيم من الحزن والحرقة والإنكسار، بعد أن أدمى السفهاء عقبيه الشريفتين بالحجارة، يراه ملك الملوك، يرى قلبه المكتظ بالآهات، فيرسل جبريل ومعه ملك الجبال، لينهي تلك الحُرق، يرسله في مهمة خاصة، مهمة تتعلق بدكدكة الجبال الراسية!
فينظر ملك الجبال إلى النبي ﷺ وهو في أحزانه فيقول: أمرني الله أن أمتثل لأمرك يا محمد، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت!
إذا أراد الله أن يجبر كسرك، أهلَكَ مدينة بأكملها لأجلك!
ولكن محمداً ﷺ يستأني بهم ويعفو عنهم...
هل يستطيع غير الله أن يجبر كسور الروح بمثل هذا؟
يدخلون إلى عينيك ليسرقوا أجمل أحلامك.. ويتسللون إلى قلبك ليمسحوا أروع ذكرياتك! وكلما انطفأ حلم خلق الله لك حلماً أجمل، وكلما بهتت في قلبك ذكرى صنع الله لك ذكرى أروع!
الصلاة.. تردم هوة اليأس في أرواحنا، وسبحان ربي العظيم تخلق فرحاً نجد طعمه في ألسنتنا، وسبحان ربي الأعلى تحلق بنا حول العرش.
دعوات الوالدة دفء في شتاء الحياة، وزيارة الصديق متعة في صخب العيش، وسؤال الجارعنك يلون لوحة نفسك الرمادية...
الحياة مليئة بالمجبّرات، و ربنا يريدنا أن نسعد، أن نبتسم، أن نحيا حياة جميلة...
فما الذي يبطئك عن الله؟
ما الذي يجعلك تتأخر عن الإنضمام لركب الأواهين الأوابين، الذي يرتلون كلامه في جوف الليل؟
كن في حياتك ساجدًا كما كنت في بطن أمك، يكفيك الله رزقك ويجعل أضيق الأماكن أهنأها، ويحيطك برحمته.
كن ساجداً بقلبك، وإن رفعت رأسك اهمس بشرايينك: يا جابر المنكسرين اجبر كسري، ثم تأمل في المعجزة وهي تشكل روحك من جديد!
لأنك الله.... رحلة إلى السماء السابعة
علي الفيفي