أبو الخيرات

السلطان محمد الفاتح أو كما يلقبه شعبه أبو الخيرات، هو سابع سلاطين الدولة العثمانية ومن أعظم سلاطينها، حيث قضي علي الدولة البيزنطة وفتح القسطنطنية التي فشل الكثير في فتحها قبله، وقهر الروم، نشأ السلطان محمد الفاتح نشأة إسلامية خالصة علي يده معلمه أحمد بن اسماعيل الكوراني، وعُرف بحبه للإسلام وتطبيقه للشريعة الإسلامية ، اشتهر بعدله وفتوحاته الإسلامية علي مدار مدة حكمة التي تجاوزت الثلاثين عاماً.

النشأة

ولد السلطان محمد الفاتح في 20 أبريل 1429 بمدينة أدرنة، تراقيا بتركيا، وكان والده السلطان مراد الثاني و والدته خديجة "هما" هاتون، لقب السلطان محمد بعدة ألقاب منها: الفاتح، أبو الفتوح، الغازي، صاحب النبوءة، أبو الخيرات،عندما بلغ السلطان محمد الفاتح 11عاماً أرسله والده السلطان مراد إلي أماسيا ليكون حاكماُ عليها وليكتسب بعض الخبرة اللازمة لحكم الدولة، وخلال حكم محمد الفاتح لأماسيا أرسل إليه والده بعض المعلمين لكنه لم يمتثل لأوامرهم، فارسل إليه أحمد بن اسماعيل الكوراني فجعل معلماً لولده وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فدخل عليه والقضيب بيده فقال له" أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري" فضحك السلطان محمد الثاني من ذلك الكلام فضربه المولي الكوراني في ذلك المجلس ضرباً شديدً، حتي خاف السلطان محد الفاتح، وختم القرءان في مدة يسيرة.

تولي السطان محد الفاتح الحكم وهو ابن 14 عاماً في عام 848، وذلك بعد وفاة أخيه الأكبر وتنازل والده مراد الثاني عن العرش حزناً عليه، إلا أنه لم يمكث طويلاً واستدعي والده ليتولي العرش، ثم اعتلي السلطان محمد العرش للمرة الثانية في 855 بعد وفاة والده، حيث توجه الفاتح إلي أدرنه عاصمة الدولة العثمانية وقتها وتوج سلطاناً للمرة الثانية.

صفاته

كان السلطان محمد الفاتح قمحي اللون، متوسط الطول، متين العضلات، كثير الثقة بنفسه، ذا بصر ثاقب وذكاء حاد، ومقدرة علي تحمل المشاق، يُحسن ركوب الخيل واستخدام السلاح، ندر ما أدي الصلاة في غير مسجد جامع، وكان الفاتح محباً للتفوق ، سريعاً في فهم المواقف، يحسن معالجة الأمور، كبير اليقظة بعيد النظر، كان محباً للعلماء والأدباء، ويجد متعة في مناقشتهم وسماع نتاجهم.

كان السلطان محمد الفاتح يعيش حياة بسيطة للغاية، لا تعدو القراءة والتدريب علي فنون الحرب ثم الصيد، كان عدواً لللترف، عاداته غير معقدة ومائدته بسيطة كل البساطة.

بالإضافة إلي تفوق محمد الفاتح في الناحيتين الثقافية والعسكرية، اشتهر الفاتح بكفاءته الإدرية والقانونية، فقد أنشأ دولة عظيمة ، وبني ملكاً كبيراً ساعده في القضاء علي دولة كانت كانت في يوم من الأيام لا تقهر، فقام بتوطيد دعائم الملك العثماني ، واكسب العثمانيين النصر الخارجي ، وقنن القوانين، وعمل علي استقرار الحياة الداخلية، وأشاع الأمن والطمآنينة بين أفراد رعيته.

فتح القسطنطينية

عندما فتح السلطان محمد الفاتح االقسطنطينية لم يزد اجابته لجنوده المهنئين عن قوله" حمداً لله، ليرحم الله الشهداء، ويمنح المجاهدين الرف والمجد، ولشعبي الشعب والشكر".

في ظهر اليوم الرابع توجه السلطان محمد الفاتح إلي القسطنطينة علي ظهر جواده في موكب حافل، يتبعه وزراءه وقواده وجنوده البواسل، ودخلها من باب القديس رومانيوس، وقد أعجبته المدينة بآثارها ومبانيه الضخمة، ولما بلغ السلطان محمد الفاتح منتصف المدينة توقف عن السيبر وخطب فيمن حوله وقرأ عليهم البشارة النبوية الكريمة" لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش" وهنأهم بالنصر، وأوصاهم بالثبات وعدم الغرور، والتمسك بالفضيلة وحسن المعاملة، والرأفة بسكان المدينة، وأمرهم بالكف عن القتل والسلب والنهب.

كما توجه الفاتح الي كنيسة أيا صوفيا التي احتمي بها السكان والقساوسة وقد سادتهم حالة من الفزع والرعب، فطمئنهم وأمر الراهب استكمال صلواتهم، ثم صرفهم الي بيوتهم آمنين علي أنفسهم وأموالهم وأولادهم، مما أدي إلي انتشار حالة من الطمآنينة بينهم، وأمر الفاتح بأن تعد كنسية أيا صوفيا لصلاة أول جمعة بالقسطنطينية ، فقاموا بتجهيزها وإزالة الصلبان منها، وتحولت إلي مسجد أيا صوفيا الشهير.

وأمر الفاتح باختيار بطريريك جديد وأحسن مقابلته ومقامه، فساد الأمن والطمآنينة أرجاء القسطنطنية بعد أيام من فتحها.

وفاته

بعد عمراً مليئاً بالإنجازات والفتوحات الإسلامية، توفي السلطان محمد الفاتح عن عمر ناهز الثلاث وخمسون عاماً، وذلك بعد أن قام طبيبه الخاص " يعقوب باشا" بوضع السم له، ويري البعض أن ذلك كان بناء علي طلب من إيطاليا، بينما يري بعض المؤرخين أن يعقوب باشا وضع السم للسطان بناء علي طلب من ابنه بايزيد الثاني رغبة منه في تولي العرش، وتم دفن السطان محمد الفاتح في أحد الجوامع التي أسسها في الأستانة" مسجد السلطان محمد الفاتح باسطنبول".

وانفضح امر يعقوب فيما بعد وأعدمه حرس السلطان، وعندما وصل خبر موت السلطان للبندقيه واحتوت الرسالة علي هذه الجملة " لقد مات العقاب الكبير" انتشر الخبر في البندقية ثم باقي أوربا، وراحت الكنائس في أوربا تدق أجراسها ثلاثة أيام بأمر من البابا.

قضي السلطان محمد الفاتح 31 عاماً في الحكم، كانت مليئة بالخير والفتح للدولة العثمانية، ففتح القسطنطنية وجميع ممالك وأقاليم آسيا الصغري والصرب والبشناق وألبانيا، وحقق كثيراً من المنجزات الإدارية الداخلية التي سارت بدولته علي درب الإزدهارومهدت الطريق أمام السلاطين من بعده ليركزوا علي وسيع الدولة وفتح أقاليم جديدة.


كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.