أبرز 7 إنجازات في علم الفلك والفضاء في 2019

يُبهرنا علماء الفلك كل عام باكتشاف أشياء جديدة من أعماق الفضاء السحيقة، ليكشفوا لنا عن أسرار عظيمة لهذا الكون الهائل.

وقد كان عام 2019 مليئًا باكتشافات الفضاء والفلك المُذهلة للغاية؛ شهدت البشرية لأول مرة صورة لعملاق كوني مرعب في مجرة بعيدة للغاية من خلال أول صورة لثقب أسود، كما كشف لنا مسبار «فوياجر 2» عن تفاصيل غير مسبوقة حول الكون من خارج حدود مجموعتنا الشمسية، وهبطنا على الجانب المظلم من القمر، حتى أن جائزة نوبل للفيزياء هذا العام جاءت تتويجًا لجهود ثلاثة علماء فيزياء فلكية في محاولاتهم لفهم أصل الكون.

طوّرت هذه الإنجازات والاكتشافات من فهمنا للفضاء ولكوننا الشاسع، وبعد أنتهاء العام، دعنا نُلقي نظرة على أهم الاكتشافات في عالم الفضاء والفلك في عام 2019.

1. أول هبوط على الجانب المظلم من القمر

في يناير/كانون الثاني الماضي، هبط المسبار الصيني «Chang’e-4» على الجانب المظلم من القمر، وهو الجانب الذي لا نستطيع رؤيته من الأرض. وقبل نجاح هذه المهمة، لم تتمكن أي دولة أو وكالة فضاء من الهبوط على الجانب الآخر من القمر سابقًا.

يشير اسم المسبار «Chang’e» إلى آلهة القمر الصينية التي يُحتفى بجمالها في القصائد والروايات، ويشير رقم 4 إلى المهمة الرابعة في برنامج وكالة الفضاء الصينية لاستكشاف القمر.

هبط المسبار في القطب الجنوبي-حوض أيتكين «South Pole-Aitken Basin»، وهو موقع لاصطدام هائل حدث قبل نحو 3.9 مليار سنة، حيث تقع فوهة أيتكين عند نهايته الشمالية والقطب القمري الجنوبي عند النهاية الأخرى، تاركًا فوهة بلغ قطرها نحو 2500 كيلومتر وبعمق نحو 13 كيلومترًا، وهي واحدة من أكبر الفوّهات الناتجة من التصادم في النظام الشمسي، وأكبر وأعمق وأقدم حوض على سطح القمر.

ومن خلال هذه المهمة، سيتمكّن العلماء من دراسة بعض من أقدم الصخور القمرية. كما يأمل الفريق العلمي أيضًا في دراسة أجزاء من الصخور المُذابة التي تملأ موقع الهبوط، مما يتيح لهم التعرف على الاختلافات في تكوينها.

2. أول صورة لثقب أسود

على مسافة 55 مليون سنة ضوئية، في قلب مجرةٍ​​إهليلجيةٍ عملاقةٍ تُسمى «Messier 87»، يقبع هناك وحش عملاق يلتهم أي شيء يقوده حظه العاثر للاقتراب منه، النجوم والكواكب والغاز والغبار ولا حتى الضوء يمكنه الهروب من قبضة ذلك الوحش العملاق، بمجرد أن يعبروا عتبة كهفه الخاص، والتي تُعرف باسم أفق الحدث «event horizon».

في أبريل/نيسان الماضي، كشف العلماء النقاب عن صورة هذا الوحش العملاق، وهو ثقب أسود هائل تبلغ كتلته نحو 6.5 مليار شمس.

أظهرت الصورة فراغًا دائريًا تحيط به حلقة غير متوازنة من الضوء، وكانت هذه الصورة التاريخية هي أول صورة لثقب أسود.

جاء هذا الإنجاز التاريخي المُبهر بفضل مشروع تلسكوب أفق الحدث، وهو تعاون عالمي بين أكثر من 200 عالِم استخدموا مجموعة من المراصد الفلكية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، من هاواي إلى القطب الجنوبي، حيث مثّلت مجموعة المراصد تلسكوبًا عملاقًا بحجم كوكب الأرض، كان قادرًا على جمع أكثر من بيتابايت (مليون جيجابايت) من البيانات، بينما يُحدق إلى الثقب الأسود في أبريل/نيسان عام 2017. استغرق الأمر مدة عامين لكي يتمكن العلماء من تجميع البيانات وإظهار الصورة التي رآها العالم في النهاية.

3. مسبار «فوياجر 2» يرسل لنا معلومات جديدة من بين النجوم

العام الماضي، أصبح مسبار ناسا «فوياجر 2» ثاني مركبة فضائية في التاريخ تغادر الغلاف الشمسي «heliosphere»، وهو غلاف واقٍ من الجسيمات والمجالات المغناطيسية يحيط بالكواكب داخل المجموعة الشمسية، وعلى مسافة أكثر من 18 مليار كيلومتر (123 وحدة فلكية) من الأرض، ما وراء مدار بلوتو، دخل مسبار «فوياجر 2» إلى الفضاء بين النجوم.

الغلاف الشمسي مثل سفينة هائلة تبحر عبر الفضاء بين النجوم، حيث يمتلئ كل منهما بالبلازما، لكن البلازما داخل الغلاف الشمسي حارة ومتناثرة، بينما البلازما في الفضاء أكثر برودة وكثافة.

كما يحتوي الفضاء بين النجوم أيضًا على الأشعة الكونية، جسيمات متسارعة بسبب النجوم المتفجرة، عرفنا سابقًا من مسبار «فوياجر 1» أن الغلاف الشمسي يحمي الأرض والكواكب الأخرى من أكثر من 70% من تلك الأشعة.

عندما غادر مسبار «فوياجر 2» الغلاف الشمسي، أعلن العلماء أن أجهزته الخاصة بالجسيمات النشطة لاحظت تغييرات جذرية: انخفاض معدل الجسيمات داخل الغلاف الشمسي، في حين ارتفع معدل الأشعة الكونية بصورة كبيرة، وبقي مرتفعًا. وأكدت هذه التغييرات أن المسبار قد دخل إلى منطقة جديدة من الفضاء.

أرسل المسبار معلومات جديدة حول منطقة تعرف باسم حافة الغلاف الشمسي «heliopause»، والتي يتوقع العلماء أن بإمكانها التحرك مع تغير نشاط الشمس، مثلما تتمدد وتنقبض الرئة مع عملية التنفس، ويؤكد اكتشاف هذه الحدود أن هناك مراحل في الانتقال من غلاف مجموعتنا الشمسية إلى الفضاء بين النجوم.

4. الهبوط على سطح كويكب يبعد عنّا ملايين الأميال

تتميز حياة أي كويكب بالوحدة، فهذه الصخور تنفق دهورًا من الزمن هائمةً في الفراغ البارد للفضاء الكوني الشاسع.

لكن في يوليو/تموز الماضي، وعلى مسافة أكثر من 5.5 مليون ميل من الأرض، رحب كويكب يُدعى «Ryugu» بزائر خاص؛ حيث هبطت المركبة الفضائية اليابانية «Hayabusa-2» على سطح الكويكب، من أجل استكشافه وجمع العينات من داخل أعماقه.

تهدف هذه المهمة إلى جلب تلك العينات إلى الأرض، ومن خلال دراسة صخور الكويكب والحطام المتراكم على سطحه، يأمل العلماء في معرفة كيف قد تكون ساهمت مثل هذه الكويكبات في وضع بذور المكونات الرئيسية للحياة على الأرض منذ مليارات السنين.

5. المركبة الفضائية «دراجون» من سبيس إكس

شهد هذا العام العديد من الابتكارات في مجال تكنولوجيا السفر إلى الفضاء أيضًا. وفي مارس/آذار الماضي، أطلقت شركة سبيس إكس رحلة تجريبية غير مأهولة من نسخة متطورة من المركبة الفضائية «دراجون»، تهدف إلى حمل رواد الفضاء الأمريكيين إلى الفضاء، وتمكنت المركبة من الالتحام بنجاح مع محطة الفضاء الدولية، ثم العودة إلى الأرض بعد عدة أيام.

وتمثل هذه التجربة أول رحلة لسفينة فضاء تجارية، صُمّمت لحمل البشر بواسطة شركة أمريكية خاصة، تغادر الأرض إلى الفضاء.

وكانت هذه المرة الأولى منذ ثماني سنوات التي تنطلق فيها سفينة فضاء أمريكية للبشر إلى المدار، منذ أن أوقفت وكالة ناسا مشروع مكوك الفضاء الخاص بها في عام 2011، وقد اعتمدت الولايات المتحدة على الصواريخ والسفن الروسية لحمل رواد الفضاء من وإلى محطة الفضاء الدولية منذ ذلك الحين.

6. اكتشاف كوكب خارجي قد يحوي الحياة

في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن العلماء عن اكتشاف بخار الماء على كوكب خارجي يُسمى «K2-18b»، وهو أرض هائلة، أي أنه من الكواكب الصخرية خارج المجموعة الشمسية التي تَكبر كوكبنا الأرض حجمًا بكثير، لكن تلك الكواكب نظريًا أصغر حجمًا من الكواكب الغازية العملاقة مثل المُشتري وزحل، ويدور حول قزم أحمر على مسافة 110 سنة ضوئية.

وهو الكوكب الوحيد المعروف خارج نظامنا الشمسي باحتوائه على الماء، والغلاف الجوي، ومعدل درجة الحرارة التي يمكن أن تدعم وجود مياه سائلة على سطحه، وهذا يجعله أفضل كوكب مُرشح لاحتواء الحياة.

7. جائزة نوبل للفيزياء

كشف لنا علم الكونيات الحديث تاريخ الكون، وكشف لنا مكونات جديدة غير متوقعة من المادة والطاقة.

وإلى جانب ذلك، عرفنا أن الشمس ليست النجم الوحيد في مجرتنا الذي تدور حوله الكواكب؛ حيث أظهرت الاكتشافات الجديدة مجموعة متنوعة وكبيرة من الأنظمة المشابهة لنظامنا الشمسي.

وبفضل كل ذلك، تغير فهمنا للكون بشكل أعمق خلال العقود القليلة الماضية، وتغيرت معه رؤيتنا لمكاننا في هذا الكون الهائل.

وجاءت جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام لتقدر هذه الاكتشافات غير المسبوقة، حيث جاء الإعلان عن جائزة نوبل في الفيزياء تقديرًا للمساهمة في فهمنا لتطور الكون وأين نحن من هذا الكون الشاسع.

تقاسم الجائزة العالم الكندي-الأمريكي «جيمس بيبلز» للاكتشافات النظرية في علم الكون الفيزيائي، والنصف الآخر بالتساوي بين العالمين السويسريين «ميشيل مايور» و«ديدييه كيلوز» لاكتشافهم كوكبًا خارج المجموعة الشمسية يدور حول نجم من النوع الشمسي.

كانت هذه أهم الاكتشافات في عالم الفضاء والفلك للعام الماضي، ومع نهاية العقد وبدء عقد جديد، نحن في انتظار المزيد والمزيد من الاكتشافات المذهلة التي يقدمها لنا علم الفلك كل عام.


كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.