الكاتب: محمد العربي المساري
إن الحركة التحررية التي قادها الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ما بين عامي 1921 و 1926 حدث تاريخي مشهود في القرن العشرين, و قد نشرت عنه عشرات الكتب بشتى لغات العالم، و هذا الكتاب يتوقف بتؤدة عند جانب معين من هذا الحدث إذ يتأمل في تفاصيل من مرحلة التأسيس له، و يتفحص الباحث المساعي التي قام بها الأمير الخطابي من أجل توحيد القبائل و تحريكها لخوض المعارك التي قال الماريشال بيتان في وصل شدتها : تجابهنامع أعنف مقاومة لقيناها في المستعمرات. حيث كانت المقاومة المسلحة في المناطق القروية تعبيراً عن رد فعل عنيف ضد فرض الحماية و التجزئة, حتى كتب الجنرال غيوم أن كل شبر تم إخضاعه كان قد كلف كثيراً من الدم و العرق، و لكن زعماء القبائل كانوا لا يحملون السلاح إلا عندما يصل جيش الإحتلال إلى تراب قبيلتهم، و قد استخلص بن عبد الكريم درساً من ذلك, فعمل على توحيد قبيلته بني ورياغل مع جيرانها تمسمان, و ضم إلى صفه قلعية ثم غمارة و جبالة, فشملت حركته مجموع الريف الجغرافي و على مدى الواجهة المتوسطية, و لم يقتصر على الريف القبلي، و من خلال ذلك انتقل التفكير السياسي المغربي من مستوى القبيلة إلى أفق الوطن. هذا هو ما يستعرضه الكاتب و يشرحه و يحلله, مبرزاً أنه من خلال ذلك المسلسل تبلور نمط جديد من الزعامة في بيئة العشرينات في المغرب، زعامة اختلفت عما عرفه المغرب الوالغ في تناقضات عجلت بسقوطه في براثن الاحتلال، زعامة حملت مشروعاً, تجلى ذلك في إقامة هياكل في التراب المحرر, كانت إرهاصاً بالتوجه إلى دولة عصرية, و هي بالضرورة ديمقراطية, لها مؤسسات و مفاهيم متقدمة على عصرها و منفردة في نمطها, و كان يمكن لو نجحت أن تكون بديلاً مثالياً للمغرب و لباقي بلدان الجنوب التي تم إخضاعها للإستعمار الغربي.
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى