الكاتب: عبد الفتاح أبو غدة
كان عبد الفتاح الغدة رحمه الله من العلماء المجسدين لخلق المسلم فى زماننا هذا فقد ولد عام 1917م وكان لا ينهى عن شئ إلا وكان يجتنبه بالفعل، هكذا قال عنه ابنه فى ترجمته فى بداية الكتاب. ما لفت انتباهى هو سعى الشيخ عبد الفتاح إلى العلم وهو فى سن كبير (19 عاما) وأتى إلى الأزهر ليتفقه فى علوم الحديث والفقه وأصوله وفروعه ونبغ فى العربية حتى لقبه البعض بالأصمعى. كان نهجه فى الكتابة بالإيجاز، التأكد من كل كلمة وجملة يكتبها، التجميع مما دونه من ملاحظات متفرقة كلما وجد شيئا مهم وكُتب أن هذا الكتاب قد جُمع فى 20 عاما، الميل إلى التحقيق أكثر من التأليف فكان لا يؤلف إلى عندما يفتقر مجال ما إلى مؤلف وهو ما ندر ولله الحمد فحقق 51 كتابا مقابل 13 مؤلفا جديدا، تشكيل الحروف قدر المستطاع خصوصا الكتب الثقافية غير المتخصصة وذلك لإكساب المعرفة باللغة لغير المتحدثين بها أو لغير متقنيها، وأشياء أخرى ولكن هذا ما لفت نظرى. فى مقدمة الطبعة الأولى يحثنا الشيخ على عدم الإسراع فى الخروج بالأحكام على روايات الناس من عجائب الأمور فكم من أفق قد ضاق دون أن يستوعب ما بخارجه. وتم تقسيم الكتاب إلى أبواب شتى توضح وتصنف معاناة العلماء. أما فى باب أخبارهم فى فقد الكتب أو المصاب بها: يوضح هذا الباب مدى تعلق العلماء بالكتب وحسرتهم على فقدها أو ضياع العلم بضياعها، والكتب عند زوجات العلماء بمنزلة الضَّرة وذلك لتعلقهم وأنسهم الشديد بها. فمثلا فقد القاضى بن لهيعة كتبه التى احترقت فكانت مصابا كبيرا، وهناك الشاذوكى الذى حمى كتبه من المطر بجسده أثناء سفره فغُفر له بذلك، والمدينى شيخ البخارى الذى ألف المسند فارتحل وعاد فكان كتابه فريس الدودة، وهناك من بخل بعمله فضاع مثل أبو عمرو الهروى الذى ألف معجما ملما بأمثلة من القرءان والشعر فضن به على تلاميذه فضاع ما فيه من فائدة. وهناك من سرق علمه مثل الطالبى الذى كتب مجموعا سرق فى طريقه إلى فارس. وهناك من باع كتبه لشدة فقره فرد إليه كتابه لشدة تعلقه به مثل ما حدث مع أبى الحسن الفالى ونسخة كتاب "الجمهرة" وحسرته عليه بأبيات "أنست به عشرين حولا وبعتها..."، كما كان الحداد المهدوى يبيع كتبه من شدة فقره. وحادثة الشيخ الغزّالى عندما قطع البعض عليه الطريق فأخذ مخلاة بها كتبه فلما ناشدهم أن يرجعوها له لكى لا يتجرد من علمه ردوا بأنه لا يتجرد من عمله من حفظه بالفعل فانشغل من حينها 3 أعوام يحفظ ما فيها. وغرق كتب ابن المبارك فى بغداد عندما كان فى الموصل وبعث بمن يحضرها له فكانت فى أسوأ حال فقيل له أن يبخرها ويصلح منها ما يمكن فبرخها بـ30 رطلا فطلع إلى رأسه وعينيه فأحدث له العمى!
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى