الكاتب: د. عطا محمد حسن زهرة
هذا الكتاب .. محاولة لفتح ملف التكامل الحضاري كأولوية، بعد أن صار العالم إلى ما هو عليه من التواصل الاجتماعي والثقافي، الأمر الذي جعل السوق الحضارية العالمية مكانا متاحا لتعرض كل أمة منتجات حضارتها، كما تدلل على دورها في عملية الإنقاذ الإنساني. وعلى الرغم من المحاولات الواهنة، التي أعقبت الحروب العالمية، لإيجاد مؤسسات عالمية تشكل مجالات للتفاهم والحوار، وتجنيب العالم الكوارث مثل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومكمة العدل الدولية والمنظمات التابعة لها، إلا أن إعطاءها ما يزال متواضعا، فهي أشبه ببيت العنكبوت، الذي لا يلتقط إلا الحشرات الضعيفة، وتمزقه الحيوانات والهوام القوية. ولعل الإشكالية الكبرى تكمن في فلسفة الحضارة، التي تنتج برامجها، وتطبع سلوك أهلها .. فالحضارة التي تقوم فلسفتها على اعتماد العنصرية والصراع، سواء في ذلك الفلسفة الماركسية، التي تؤسس للصراعات، بين الطبقات، بين الفقراء والأغنياء، بين الرجل والمرأة، وبين الأجيال، أو فلسفة الحضارة الرأسمالية واعتمادا القوة وصراع الحضارات، والاعتقاد أن البقاء للأقوى وليس للأصلح، غير مؤهلة للاضطلاع بالدور الإنساني العظيم. وما لم يتم الارتقاء بفلسفة الحضارة، والارتفاع إلى مستوى البعد الإنساني، واعتماد التحاور بدل المواجهة، والسعي لإيجاد الصيغ المشتركة لخير الإنسانية، فإن التسلط والهيمنة ستسمر، وإن اختلفت العناوين. لقد عرض الباحث لمقومات التكامل الحضاري، وحاول ما أمكنه السعي للتدليل على أهمية ذلك، كما عرض لمعوقات التكامل الحضاري، وبحث في أسبابها، وكيفية تجاوزها، والتأكيد أن التنوع في الأفراد والأمم والحضارات يبقى مصدر إثراء وغنى. والأمل معقود أن يؤدي هذا التفاعل والتدافع الحضاري البطئ ، الذي يشتد عوده يوما بعد يوم، إلى حصحصة الحق، والتوجه صوب اختيار الأصلح، للخلاص من الشقوة الإنسانية، وذلك بالتوجه صوب عطاء حضارة النبوة، التي تؤسس للحرية والمساواة، كثمرة لوحدانية الله.
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى