الكاتب: مدى شريقي
يتناول كتاب تطور الخصوبة السكانية في سورية منذ الاستقلال 1947-2005 للباحثة الدكتورة مدى شريقي، الذي أصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التحولات الديموغرافية التي شهدتها سورية طوال ثمانية وخمسين عاماً، ويرصد التغيرات الاجتماعية التي رافقتها. ولا تعد هذه الدراسة عرضًا للبيانات الإحصائية عن الزواج والخصوبة والوفيات، بل قراءة سوسيولوجية في البيانات الإحصائية. وقد لاحظت الكاتبة أنّ سورية عرفت في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين نموًا سريعًا للسكان، ثم أعقب هذا النمو تباطؤ تدريجي إلى أن استقر على معدلات خصوبة أقل في منتصف التسعينيات. ويسعى الكتاب إلى تقديم تحليل معمّق لتطور ظاهرة الخصوبة في سورية بالاعتماد على مناهج وأدوات بحث وتحليل ديموغرافية صرف، بعيدًا عن كل تفسير أو توظيف أيديولوجيّ للرقم الإحصائي الذي تحاول المؤلفة وضعه في سياقاته الاجتماعية والثقافية بالدرجة والأولى، وفي سياقاته القانونية والسياسية والاقتصادية بالدرجة الثانية. ويهدف هذا الكتاب إلى تحليل الخصوبة في سورية، وتحليل ظاهرة زيادة السكان مع عدم ارتفاع معدلات الخصوبة؛ فسورية التي ارتفع عدد سكانها من ثلاثة ملايين غداة الاستقلال في عام 1946، إلى نحو عشرين مليونًا في عام 2004 لم تشهد في الفترة نفسها ارتفاعًا في معدلات الخصوبة، بل شهدت انخفاضًا جراء انتشار وسائل منع الحمل والإجهاض المتعمّد وتعليم المرأة وتحوّلها إلى العمل المنتج، الأمر الذي يشير إلى تغيّرٍ جوهري في المنظومة القيميّة للمجتمع السوري. وقد جاء الكتاب في تسعة فصول موزعة على قسمين، فحمل القسم الأول عنوان "تحليل الخصوبة والظواهر المرتبطة بها"، بينما حمل القسم الثاني عنوان "بعض العوامل المؤثرة في الخصوبة". وفي الفصل الأول المعنون "المولودية والتركيب العمري والنوعي للسكان" تتحدث الكاتبة عن سيادة المنظور الداعم للمولودية في العقود الثلاثة الأولى التي تلت الاستقلال، وقد تجلى هذ االمنظور في نصوص قانونية وإجراءات تنفيذية لمصلحة الأسر كبيرة العدد، فيما تراجع هذا التوجه الداعم للمولودية بدءًا من الثمانينيات. وفي الفصل الثاني "الخصوبة الكليّة" توضح الكاتبة الفارق بين المنظور القطعي والمنظور الطولاني مؤكدة على أهمية بناء التحليل المرتبط بالخصوبة على هذين المنظورين سويّة. وفي الفصل الثالث "تحليل الزواجية" نقرأ تحليلًا لظاهرة الزواجية والعزوبية في المجتمع السوري عبر أجياله المختلفة، وأثر هاتين الظاهرتين في الخصوبة. ويتحدث الفصل الرابع "خصوبة النساء المتزوجات" عن الاختلاف الواضح في معدلات زواج النساء على مدى السنوات التي شملتها الدراسة، فبينما كان سن الزواج مبكرًا جدًا في عقدي الخمسينيات والستينيات، نلاحظ أنه مع تقدم السنوات تابع متوسط عمر الزواج ارتفاعه ليصل الذروة مطلع القرن الحادي والعشرين. وتستعرض المؤلفة في القسم الثاني من الكتاب مجموعةً من العوامل المؤثرة في الخصوبة، ففي الفصل الخامس "الإطار القانوني والاجتماعي - الثقافي لوضع المرأة في سورية" تستعرض المؤلفة التغيرات المهمة في مكانة المرأة سواء أكان ذلك على المستوى الرسمي أم على مستوى المجتمع السوري، ويتحدث الفصل السادس "ضبط الخصوبة: وسائل منع الحمل وانتشارها وأوضعاها" عن انتشار وسائل منع الحمل في سورية، وتغيّر طريقة النظر إليها من لدن المجتمع والدولة، وأثر انتشارها في الخصوبة، أما الفصل السابع "الإجهاض المتعمد بين المفهوم والواقع" فيتحدث عن تغيّر نظرة المجتمع نحو الإجهاض، ويستعرض مثالًا استطلاعيًّا أجري في مدينة اللاذقية السورية، ويناقش الفصل الثامن "التعليم والخصوبة: أي علاقة؟" واقع التعليم في سورية منذ الاستقلال، وتعليم الإناث بوجه خاص، وأثر ارتفاع نسبة تعليم المرأة في معدّلات الخصوبة. ويختتم القسم الثاني والكتاب بالفصل التاسع "المرأة والعمل والخصوبة" بتوضيح أثر الذهنية المجتمعية وغياب البنى التحتية في التقليل من نسبة مشاركة المرأة السورية في النشاط الاقتصادي، وعن أثر هذه المشاركة في الخصوبة.
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى