الكاتب: جلال يحيى
تعود أساتذة التاريخ الحديث أن يبدؤا شرح تاريخ هذه الفترة مع تاريخ القرن السادس عشر ؛ وكانوا قد تعودوا ، قبل ذلك أن يقصروا تاريخ عصر النهضة الأوروبية على " حركة الإنسانيات " ؛ عازفين عن شرح التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت قد سبقتها، ومهدت لها ؛ وكانت أساسا طبيعيا ومنطقيا لكل تغيير لاحق. وإذا ما حاول الباحث أن يستكشف العوامل الاجتماعية والاقتصادية العميقة، التي أدت إلى تحول حياة العالم من العصور الوسطى إلى التاريخ الحديث، فإنه سيجد نفسه بالضرورة يرجع إلى الوراء، زمنيا، باحثا عن الأصول الفعالة ؛ فيعمل في القرن الخامس عشر ، ويصل حتى إلى القرن الرابع عشر؛ حيث يجد المعطيات الأولى الدالة على التغير، أو التحول ؛ والتي تصلح أساسا صلبا لشرح تيارات التاريخ الحديث. وكان هذا هو خط السير الذي انتهجته، باحثا عن الأسس الاقتصادية، وتطور وسائل وعلاقات الإنتاج، والنقل، كأساس لتغيير شكل المجتمع، وعلاقاته الطبقية ، وحتى يمكننا أن نصل بعد ذلك إلى شرح تطور البنيان الفوقي السياسي، والنشاط الثقافي والفتي للإنسان هنا وهناك. ولقد وجدت ان فترة '' فجر التاريخ الحديث '' تمثل مرحلة هامة من تاريخ للبشرية في تطورها من حياة العصور الوسطى، إلى الحياة في التاريخ الحديث، وأن أسس هذه الفترة ترجع إلى القرن الرابع عشر، وحتى إلى السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر؛ وأنه من الضروري ربط عناصر هذه الفترة ببعضها، وفي شكل تحليلي وبنياني، حتى يتمكن الدارس من مواصلة فهم الخطوط الأساسية للتاريخ عبر عصوره المختلفة.
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى