الكاتب: السيد محمد الكثيري
يقول الكاتب في مقدمه هذا الكتاب قبل عقد ونصف من الزمن كنت في زيارة لأحد أقاربي، شيخ طاعن في السن و مقدم في الطريقة التيجانية، يقيم في منزله حلقات الذكر والدعاء، فكان أتباع هذه الطريقة يؤمون بيته في كل وقت للذكر والزيارة. وقد صادف يوم زيارتي أن جاءه رجل في الخمسينات من عمره، وبعد أن سلم وجلس بجوار الشيخ بدأ يحدثه عن زيارته للأماكن المقدسة قال الرجل أنه زار مكة والمدينة وقد التقى بالشيخ أبو بكر الجزائري الواعظ السلفي المشهور حيث دار بينهما نقاش طويل حول زيارة القبور والتوسل بالأولياء قال الرجل إنه أفحم الواعظ السلفي فلم يجد ما يرد به عليه إلا اعتراضه على حلق اللحية وقد كان الرجل حليقا. فقال له، إنك لو تترك لحيتك فستكون مسلما جيدا لكن هذا المريد التيجاني رد عليه بقوة قائلا: إن الله سبحانه وتعالى لم يقل أنه ينظر إلى لحاكم بل قال إنه ينظر إلى قلوبكم، فحار الشيخ أبو بكر الجزائري في جوابه وانتهى الحوار كان الرجل يحدث أصحابه بفخر واعتزاز وقد ظهرت الغبطة والسرور على وجوه الحاضرين ومنهم شيخ الطريقة، وكأنه يحدثهم عن انتصار مهم في معركة حامية الوطيس، انتقل الحاضرون بعد ذلك لنقاش بعض القضايا، فسمعت اسم ابن تيمية يتردد على ألسنتهم، قال أحدهم إن الرحالة ابن بطوطة ذكر في رحلاته أن ابن تيمية ذكر حديث النزول، نزول الله إلى سماء الدنيا، وأنه - أي ابن تيمية - نزل درجة من على المنبر قائلا كنزولي هذا وتابع الحاضرون نقاشاتهم بين مستنكر لما قاله ابن تيمية وبين معلق عليه... لم أكن أعرف وقتها أن هناك صراعًا عقائديًا مريرًا بين هؤلاء الطرقيين وبين المذهب الفقهي والأصولي المنتشر في جزء كبير من شبه الجزيرة العربية، لأنني كنت في بدايات تحصيلي العلوم الدينية كما أن الكتب التي كانت تغزو الساحة آنذاك ومن بينها فتاوى ابن تيمية لم تكن تدعو لمذهب فقهي أو أصولي معين، أو معروف لدى أبناء الصحوة الإسلامية وإنما هي دعوة للتشبث بالسنة النبوية والعمل بمقتضاها ورفض التقليد في الدين وقد واكب ذلك انتشار كبير لآراء وفتاوى تخالف المذهب المالكي وأشهرها القبض في الصلاة بدل الأسبال أما الحوارات الفقهية والأصولية التي كانت تدور في ساحات الجامعة وداخل الفصول، فكانت تثير الكثير من التساؤلات، وذلك لوجود طلبة ممن لديهم اطلاع جيد على العلوم الإسلامية فالآراء الجديدة كانت تجد معارضة قوية ويتحول النقاش في أحيان كثيرة إلى خصام واتهام الطرف الآخر بالجهل وقلة الاطلاع وبعد ذلك ينقسم الطلبة إلى تيارين مختلفين ومتنافسين، ويبدأ كلا الفريقين في الدعوة لإختياراته الفقهية بالخصوص وتكثير الأتباع لقد شاركت في الكثير من هذه الحوارات والنقاشات الساخنة، وانتصرت لبعض الآراء الفقهية معتمدًا على ما تجود به المكتبات من كتب حديثة طبعت في بيروت والقاهرة وفي بعض الأحيان في السعودية، ولم نكن نعرف عن أصحابها شيئا اللهم إلا ابتدائها ببسم الله الرحمان الرحيم، واحتضانها عشرات الأحاديث النبوية والآيات القرآنية !؟.......
هذا المحتوى مخفي
جميع خدماتنا مجانية .. يرجى دعمنا والمشاركة علي إحدى مواقع التواصل الإجتماعي
أو انتظر 10 ثانية لظهور المحتوى